الأحد، 20 فبراير 2011

بيني وبين الثورة (3)


الأحداث تجري بأسرع ما يُمكن يوم فتحت هذه الصفحة لم تكن قد بدأت المجزرة القذافية في ليبيا

وكُنت قد كتبت في بداية هذه التدوينة " أشعر بغبطة لذيذة فيها شيء من المرارة "

أردت أن أكُمل شعوري بالفخر والفرح تجاه اخواننا في مصر..فبدأت التدوينة وتركتها لانشغالي

حتى مساء الاثنين اردت اكمالها وإذا بالقذافي يُداهمنا بغباءه ليقصف ابناء شعبه ..اخواننا في ارض طرابلس ..حفظة القرآن من أمتي ..ويوزع مرتزقة ليسوا من أبناء جلدتنا فيغتصبوا صغارنا ويُفجعونا عليهم !

وكل ذلك وسط صمت عربي واسلامي ذليل ومُهين ...

لكن في الحقيقة ما عاد يُهمنا نحن الشعوب فكل الأثمان تهون بجانب الحُرية...ولنا في كل ذلك مكسب يتلخص في هذان السطران :

" ثورة تونس كسرت خوف الشعوب العربية ....ثورة مصر زادتنا إيمانًا في الشباب
وثورة ليبيا زادتنا كفرًا بحكامنا ...ثورة البحرين علمتنا أن الطائفية انتاج حكامنا المستبدين لا قبائل بدوية بسيطة"

وكل الثورات منحتنا مئات القصص لأطفالنا بعضها ساخرة والكثير منها عظيمة وعشرات عن مضحك متغطرس مجنون اسمه مُعمر وفي ذات الوقت مدمر !

شكرًا لله أن بلغنا هذا العصر ...ودعواتنا للقوي بأن يُرينا في القذافي يومًا أسودًا ..ويحفظ لنا اخواننا في ليبيا

الأربعاء، 16 فبراير 2011

بيني وبين الثورة (2)

صورة طفلة في ميدان التحرير بعد النصر


تُحدث الثورة في قلبي جلبة وأحاديث واحتفالات ومئات من الأسئلة التي تلقي بظلالها على قلبي وعقلي وفكري وعشرات من القضايا الجوهرية والسخيفة في آن واحد التي تُعرّي نفسها كل مساء في عقلي

لكن منعتني ظروف العمل عن أن استجيب لمطالبات الكلمات المتظاهرة في ميدان قلبي لتدوينها هُنا ..حتى ضاعت مني للأسف

هل مُبارك كان مشغولاً مثلي عندما كان شعبه يُطالب بحقه فضاع حقه ككلماتي ؟!

لا يُمكن أن نضع المطالب في الحالتين على طاولة واحدة لنسأل سؤال كهذا ...لكن ما أردت الاشارة اليه هي أن الثورة المصرية ساهمت وستُساهم في صياغة ثقافة مجتمعاتنا العربية من جديد ...إنها لم تسقط نظام حكم مبارك ..وإنما اسقطت نظام ثقافي كامل كان عقيمًا مريضًا بما يكفي ليُنجب أفراد بأفواه مكممة وقلوب راجفة !

وثقافتنا الجديدة في طور صياغتها الجديدة ستكسب وستطرح مفاهيم جديدة علمتنا إياه الثورة ..وسنكتسب الكثير من المكتسبات الثقافية والفكرية الجوهرية وستطالنا هذه الثقافة حتى في ألفاظنا ونكاتنا !

وسيكون سؤال كالذي سألته أعلاه رغم سذاجته دارجًا في معاملتنا اليومية ! ..سيتحول كل شيء بانتهاء عصر الثورات العربية إلى خارطة ثقافية وفكرية جديدة !

فسابقًا كنّا مثلاً نقول ( أنا أعرفك ؟! ..فين شفتك ؟) لشخص نعرفه جيدًا ولكن نتنكر له من أجل أن نطق بالحق أو بما يخالف النظام
أو مصطلحات كأبو زعبل و لا تروحي وراء الشمس والجدران تسمع وشكلنا حنشتري حلاوة طحينية عشان نزورك في السجن أسبوعيًا ..أبغى اعيش ورايا عيلة وووالخ
والكثير من المتلازمات اللغوية لكل حالة يكون فيها الانسان حر نفسه ..حتى في محيط العمل والأسرة !

من المتوقع كما بدأنا الآن أن نصبح لاحقًا نتداول ( الشعب يريد اسقاط المديرة ...اصلاح النظام ...اخلاق الميدان الخ ) ..أو ميدان التحرير ..العزة ..الشهداء ! وسيتسائل المثقفون والأدباء بطريقة فنية كم طاغية في قلبك ؟! ...واتوقع سنقول لاحقًا نحن من جيل نورة أو وائل !


كل شيء تغير وسيتغير ..الثورة علمتنا الكثير وستظل تصوغنا من جديد ..لذلك على الحكومات أن تتعلم قبل أن تعلمها الثورة
وعلى الشعوب أن تكون واعية لجوهر الثورة والمفاهيم التي انطلقت منها وجذورها ..عليها أن تعرف أن الثورة شكل ووسيلة ...وأن الهدف هو تحقيق كرامتنا الانسانية

حقًا الثورة ثروة ثقافية وفكرية واجتماعية ..نشكر مصر وتونس أن منحونا إياها

دمتم بكرامة تليق بكم :)

الاثنين، 14 فبراير 2011

بيني وبين الثورة (1)


أنا من جيل الثورة ..هذه الصفة التي لم أتخيل يومًا ما أن تُنسب لي ..كُنت أردد على نفسي وصغاري أننا جيل النصر أو النهضة ..وفي داخلي كانت صورة حلزون بطيء يسير بأنفة وعزة لبوابة النصر

نعم كنت أتوقع أن الأحداث ستكون أبطأ من ذلك بكثير ..وبأني سأموت قبل أن أشاهد شيئًا مُدهشًا إلى هذا الحد !

اكسبنا الله بنصر مصر وتونس هويتنا كجيل ...كُنّا نعرف عن جيلنا الكثير ..لكن لم نكن نُحس ونؤمن إلى هذا الحد بنفسنا ..وقد قلت في هذه المدونة سابقًا ..أن هُناك فرقًا كبيرًا بين المعرفة والإحساس بالمعرفة

كنت أعرف أن جيلنا لا يُشبه جيل أبي ...وبأن ثمة عزيمة وإصرار لا يُمكن أن تنثني ..وكنت أعرف بأننا جيل الاستثنائيات

وأننا الجيل الذي لا يقبل إلا بالمحاكمة العقلية والتجربة العملية وإن كانت طيشًا أو تهورًا في نظر الكثير

نحن جيل لا يقبل الوصاية العقلية ..وينظر إليها على أنها سذاجة ما لم تكن للوحي من الكتاب والسنة ...نحن الجيل الذي لم يستسلم لكلمة (ايش الفايدة ؟) أو (فين التغيير) أو ( انتي إلا حتغيري يعني ! ) وجاءت ثورة مصر لتُخرِس كل الأفواه وتصفع وجه كل من يثرثر !

لم يُراهن علينا إلا القليل ..وراهنّا نحن على أنفسنا استنادًا لقول الله تعالى ( وليُمكنن لهم دينهم الذي ارتضى ) ..( وكان حقًا علينا نصر المؤمنين)

حتى الذين لم ينخرطوا تحت مسمى اسلاميون ...راهنوا على انفسهم استنادًا لسنة الله في الكون ! التي لن نجد لها تحويلاً

اعمل وابذل وسيكون التغيير !

لم تعد المناصب تُغرينا ولا المسميات ولا التصنيفات ..فيصل المنافسة هو الانجاز ولا شيء أخر !

هذا الجيل الذي يُقدّس كما قالت صديقتي ليلى حُريته ..نعم نقدس حريتنا فهي جوهر عبوديتنا لله !

هذا الكلام يُعد مثاليًا ..أعرف ان في جيلي الكثير من الغثاء ..لكن نخبته ..نخبة مميزة فريدة وستحقق بإذن الله فريدًا

أدعو الله أن يُعطينا خير أنفسنا وأن يأخذ من أرواحنا وأوقاتنا وأموالنا لدينه ونهضة الأمة الاسلامية حتى يرضى عنّا

بيني وبين الثورة الكثير من الأفكار التي تجول رأسي كل يوم ...حتى بت أشعر بأن دماغي ساحة التحرير
وبأن الكلمات متظاهرة ترفض الرحيل حتى تُدّون !

دمتم بعزة



-3- المتعة تفاصيل

(3)

أن تراودك فكرة مجنونة ..غريبة ..وتتملكك رغم علمك بأن الكثير ممن حولك سيرونها سخيفة وفجأة في يوم متعب قاسي بعض الشيء ..تسقط فكرتك في رأس شخص ما ..لا تعرفه جيدًا ..ولا يعنيك كثيرًا ..لتجد أنكما تملكان نفس الشغف والفكرة وبنفس الجنون!!

هذه الجنة بعينيها بالنسبة لي ..هذه الماء البارد على الظمأ الشديد ..عندما يُصادفني هذا الموقف ينتشلني من السأم والاحباط والملل
ينتشلني من النمطية والسادّية والسكوت

يجعلني مُحلّقة وإن كانت أجنحتي مُتعبة ..يجعل عيناي نجوم وقلوب وتلّمع

آخر مرة شعرت بذلك في أول يوم في مؤتمر هويتنا في الكويت ...كُنت مُتعبة للغاية من الاستقبال المتكرر للمشتركات من المطار حتى قابلت سارة العسكر تلك الصديقة النتيّة ..لأحدثها بعفوية وعدم اكتراث بأن ثمة أمرًا سيجمعنا

فأحسست بنفس الشغف يجمعنا إلى حد مضحك ومُحمس ومُلهم !..و اصبحنا في دقائق محدودة شركاء حُلم وردي اللون

هذه اللحظات تمنحنا الالهام بعيدًا عن الأحكام التي قد يُطلقها علينا القريبين من حولنا بناءً على ما يعرفونه عنّا

هذه لحظات من الحُلم مُجردة تمامًا من كل التجارب والأخطاء والمخاوف والمخاطر التي قد تتربص بأحلامنا وتأكلها أحيانًا

هذه اللحظات تشعرنا بشيء يُشبه بساط علاء الدين الطائر ...وهو يجمع طرفان يبعدان عن بعضهما مسافة بعيدة جدًا معنويًا وماديًا ليلتصقا بشكل غريب من أجل حُلم صغير للتو في المهد ..لكنه عظيم !

هذه احد المُتع المختبأه بين طيّات أيامي ..والتي يمنحني هي الله من فترة لأخرى !





الأربعاء، 2 فبراير 2011

على هامش الأحداث

على هامش الأحداث تُراودني أسئلة غبية وسخيفة ...لكن حتى غبائي لا أريد أن أنساه ..أريد أن اقصه في المستقبل لأطفالي حتى ولو على سبيل النكتة :

- ماذا تُحس الآن نوارة نجم بعد ان خرجت في مظاهرة من ثلاثة اشخاص محترقة القلب والآن تخرج مع ما يفوق المليون ؟

- ماذا تُحس الآن مكتبة دار الشروق ومؤلفيها وكُتّابها الذين جاهدوا أكثر من عشر أعوام حتى لا يُطبّع الفساد ويُحوّل إلى لقمة يستسيغها الشعب المصري ؟! هل يُحسّون بأن لهم يدًا حقيقية في هذه الثورة ؟!

- ماذا يشعر الطفل المصري الآن ؟! ..لا أحد يقول لي أنه لا يَفهم ! كنت أفهم عندما كان عمري 11 عامًا وقُتل محمد الدرة بين يدي ابيه وبكيت حتى انفطر قلبي !
هل يُحس الآن بالفخر ..أم بالحماس ..أم بالكرامة ؟!

- مصر مفصل أساسي في المنطقة العربية ...هل ستتحرر أرض فلسطين بعد تحرير مصر؟ ..كيف يُمكنني أن أساهم في النصر إذا كان سيأتي من هذه البوابة ؟

- هل نحن في منعطف حقيقي نهضوي ونحتاج إلى خارطة وأدوات وقناعات جديدة لنُكمل ؟!

-لماذا يخاف من حولي من المطالبة بمحاسبة الفاسد بشفافية في جدة ؟ لماذا يخاف بعض الشباب من المطالبة ببلاعة ؟ في أحداث كهذه المسئولين هم أكثر من يخافوا وليس الشعب !
لا تبخلوا على مشاعركم باستثمار الموقف ..عيشوا بشجاعة ولو للحظة

-هل سيسكت المصريون في جدة ؟ إذا شرّف حُسني مُبارك هُنا ؟

-مَن من الكُتاب أريد أن أقرأ له قصة هذه الثورة ؟! ...امممم أظن رضوى عاشور !

-مَن من الكُتاب أريد أن اقتني لابنائي كتابه عن الثورة ؟! ....اممم أظن لن نجد أفضل من أحمد بخيت!

- هل حقًا سنعمل العام القادم على استضافة نوارة نجم في غراس لتتحدث عن أن الايمان والحماس يصنعان التاريخ ؟!

- ماذا يدور الآن في أروقة البيت الأبيض ؟!

-كيف سيُكلفني احتفال النصر بعد الثورة ؟! هل عليّ أن أجمع راتبي من الآن لأقيم احتفالاً يليق ؟

اللهم إني أسأل هذه الأسئلة عن النصر بعد الثورة إيمانًا بك وتصديقًا لوعدك ويقينًا بأنك لن تخذل الخمس مليون مصري ..بأنك لن تخذل امتك التي تنتفض من أجل مصر اليوم !

اللهم كن لهم وكن معهم وثبتهم وثبتهم وثبتهم بالايمان واليقين ..اكرمهم بكرامات تزيدهم يقينًا وحبًا وذلاً بين يديك !