الاثنين، 19 مارس 2012

تجربة جديدة قديمة (3)







سلسلة من الأسئلة التي تصطف طابورًا أمام بوابة عقلي ...ربما تجد لها مكانًا في عقلي المشغول !


هذه الأسئلة فجأة تزاحمت عند بوابة عقلي عندما اخبرتني جود بلغة غاضبة : This The worst day ever ..I'm having a really really bad day !


كيف يُمكن أن أرد على هذه الصغيرة المتذمرة ؟ هل تكفي كلمة "احمدي ربك " التي كانت ترددها ماما لنا !


كيف يُمكن أن تتعلم أن تُقدر اللحظات الحُلوة ؟ هل أقول لها بأن غدًا عندما تكبرين ستحلمين بلحظة فرح صافية كالتي حصلتي عليها اليوم بعد اقناعك لي بفيلم The Lorax ؟ 


هل أسرد عليها بأن افراح الكبار معقدة يا صغيرتي وبأن عليك أن تستغلي كل انتصار صغير لك اليوم وتحفظيه عن ظهر قلب لأيامك الرمادية غدًا ؟


كيف يُمكن أن أقول لها بأن هذه الطريقة في التذمر لن تجدي نفعًا يوما في أي علاقة تبنينها في المستقبل ؟ وإذا كانت رسالتك من هذا التذمر أن تجعليني أكثر لطفًا فأنت مخطئة !


تحولت في لحظة إلى فيلسوفة تُنظر وتشرح في عقلها لهذه الصغيرة ووالديها ماذا يجب أن تتعلم قبل أن تكبر ! 


قلت بأني سأخبر اسمى بأن جود عليها أن تتعلم كيف تقول شكرًا ..وأن تتعلم كيف تفرق بين "لحظة" سيئة وبين "يوم"سيء !


وبدأت في سرد محاضرة طويلة في رأسي ..إلا أن صوتًا داخليًا اوقفني وعنفني بقوة وقال والله لا شيء ينتهك طفولتها كتحليلاتك يا عزيزتي !


فكما أن غدًا لن تجد أفراح صافية كطفولتها فهي أيضًا لن تجد القدرة على التعبير عن تذمرها بهذه البساطة !


متى سنتوقف عن هذه اللغة الفوقية المتعجرفة مع صغارنا ؟ متى سنتوقف عن ترديد دروس الحياة عليهم وكأنها "بديهيات"عليهم أن يفهموها ؟ 


أن تقدم درسًا لطفلك علمتك هو الحياة في عشرين عامًا وأكثر على انه حقيقة بديهية عليه أن يتقبلها ..فيه ظلم لطفلك !


قاطعت أفكاري جود بأنها طلبت مني أن العب معها لعبة كنت قد لعبتها معها صباح هذا اليوم السيء ...فقلت لها ببساطة : أليس يومك سيئًا للغاية ؟


قالت : yes it is really the worst day  ..
رددت عليها :  So we must not repeat our bad days 
ردت : What that means   
قلت : It means this game is part of your bad day ..we should not play it again
ردت : mmmmm  do you  know my bad day finished at morning when we started to play this game


وصلت جود لنفس المفهموم الذي اردت ايصاله لها بدون أي محاضرات ولا عتاب ...وصلت لها بنقاش بسيط قادها لذات النتيجة ببساطة شديدة !


المهم انه انتهى اليوم وانا اردد في عقلي


لام الله من لام الأمهات ...لام الله أي مربي متعجرف يُلقن الأمهات الدروس وهو لا يدري تحديات أن تكون امًا !



تجربة جديدة قديمة (2)


(1)

كان مُنغصًا لي في هذه الأربعة الأيام بأني كنت أعاني من متلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS) والتي تجعل مني شخص حلزوني متثاقل تمشي الحياة من حوله ببطء...ويمسك مكبر بين يديه ليبدأ في تأمل كل ما يجعل الحياة تعيسة ! 

لكن بالطبع وجود الأطفال حولي حارب بضراوة هرموناتي المضطربة وأستطيع أن اقول أنه نجح إلى حد كبير 

(2)

مما مارسته علي هرموناتي في هذه الأربعة الأيام ...اني كنت مستاءة للغاية من رده فعل كل شخص أخبره بأني اقضي 4 ايام مع أطفال صديقتي التي هي أحد أفراد عائلتي في هذه الأمريكا البعيدة ...4 آيام لوحدي بدون أخي ولا وسيلة نقل ولا خادمة !

كان الجميع متفاجئ للغاية ...البعض يرى انه عمل بطولي ونبيل للغاية لدرجة انه اجتاحتني رغبة عارمة في الصراخ في وجوههم بأن الأمر أبسط من ذلك بكثير! 

والبعض الآخر يرى انه عمل مجنون للغاية ..وأني سأظل كما أنا الفتاة الطيبة التي تتورط بطيبتها في مآزق حقيقية ! ...رغم ان الذين قالوا ذلك لا يعرفونني جيدًا كما تقول عائلتي ...ولم يروا بعد الشرير الذي بداخلي !

ما أشعرني بالاستياء الشديد هو أن هذه التعليقات أعادتني لقوالب اجتماعية سخيفة كنت قد تحررت منها منذ زمن ...كم هي مملة هذه الصناديق الاجتماعية البغيضة التي يحبس الناس أنفسهم فيها .

بعض هذه الصناديق الاجتماعية التي تصنف (مُتعَك) العادية إما لحماقة يُحاسبك عليها المجتمع في كل مرة وكأنه يدفع قيمتها من جيبه الخاص أو لبطولة يصفق لك عليها ببلاهة في كل مرة مما يحولك إما لأهبل مغرور بنفسك أو مريض بتقوس وانحناء شديد في أفكارك بسبب سقف التوقعات المنخفض الذي أهداك إياه المجتمع ! 

المهم آن اليوم الأول معهن (جود وحور ونور) قضيت كثير من الوقت فيه أثرثر في نفسي كخادمة اغضبتها ربة منزلها فانفلتت تتكلم بلهجة آسيوية سريعة غير مفهومة !

وكنت احارب أي محاولة شكر من أسمى حتى لا تؤكد في عقلي ما أسمعه من المجتمع !

الحمد لله أني تداركت ذلك وتذكرت اني مصابة بPMSing وأن الموضوع لا يحتاج لكل هذا الانفعال والتعصيب !

(3)

المهم 

لأسمى وسالم الذين منحاني هذه الثقة 

شكرًا...على هذه الأيام الذهبية 

ورجاءً لا داعي للشكر ..فنصف الإحراج والفشلة ستتبخران إذا شعرتم كما أشعر 

بآننا أفراد عائلة واحدة ...وهذا ما يحدث في العائلات ببساطة !

إنه أمر عادي جدًا 




الأحد، 18 مارس 2012

تجربة جديدة قديمة (1)


(1)
هذه المرة الأولى التي اكتب فيها بالعربية منذ ثلاثة شهور ..اليوم اضرب حميتي اللغوية بعرض الحائط لأُنهي اجازة الربيع بما يليق بطالبة متورطة في أكوام من الدراسة ومواد القراءة !

هذه المرة الأولى التي اكتب فيها في المدونة منذ ما يُقارب العام ...في هذا العام كنت اكتب ما يدور في ذهني في أماكن شتى حتى لا اتورط بسحر وحميمية المدونات ! 

صُمتُ عن الكتابة والقراءة العربية ..لأني كنت عالقة في المنتصف بين لغتين ..وأنا شخص يُحب اللغة ويشعر بالخيانة حين لا يؤدي فروض الطاعة لها ..يحب أن يختبئ بين الحروف وينصاع لأوامرها ...أنا شخص يحب أن تكون الكلمات لعبته ويكون هو لعبة الكلمات !

اللغة تتجاوز عندي كونها أداة تواصل ..هي من أكون وكيف أكون ! ...يُمكن لنص (أكتبه) أن ينتشلني من الحُزن ...ويُمكن لنص (أقرأه) أن ينقذني من الضياع !

فحتى اتصالح مع حقيقة أني سأكون بحول الله طالبة ماجستير عليها أن تقرأ في الأسبوع أكوام من المقالات والكتب وأن تكتب عنها بالانجليزية ..قررت الصيام عن العربية إيمانًا بأن اتقان لغة أخرى سيمنحني عوالم ساحرة أخرى واحتسابًا بأن طلب العلم فريضة !

(2)
قيمة التجارب  في الحقيقة ليس في الدرس الأخير الذي تمنحنا إياه 

بل ربما يكون بالعكس 

بعض التجارب قاسيه تكتسب قيمتها من كم الأشياء التي (نخسرها) حتى نصل للدرس الأخير الذي يجعلنا نبدو حكماء للأخرين!

وبعضها تكون كريمة ومفاجئة فتكتسب من كم الأشياء التي (تمنحنا) إياه هذه التجارب حتى نبدو أثرياء بالمعرفة !

وفي أحيان قليلة تأتي أصيلة ..صافية لها طعم الشوكلاته بالحليب التي لم يتغير طعمها ابدًا في فمي ...هذه التجارب لا تكون جديدة غالبًا وتكتسب قيمتها من كم الأشياء التي (تعود بك) لنفسك !...هذه التجارب تخرج منها وانت تشعر بنفسك كما تعرفها وكما تحبها لا كما يصنفوها الآخرون !

هذا النوع من التجارب هو الذي عشته في الأربع الأيام الماضية مع جود .. ونور ..وحور !

بنات العائلة الصديقة لي أنا وأخي احمد في الغربة !

(3)
فرصة أن اقضي 4 أيام متواصلة مع أطفال فرصة منذ ثلاث سنوات لم أعشها ...انشغالي الشديد بالتدريس والأمور الإدارية في غراس لم يكن يسمحان لي ذلك !

قضيت السنوات الأخيرة لا اتحدث مع طفل ولا مع أم إلا إذا كان أحدهما يُعاني من مشكلة ! رغم المتعة التي أشعر بها وأنا اتحدث مع طفل حتى لو كان يعاني من مشكلة !

إلا أن المسئولية الإدارية تجاه تلك المشاكل جعلتني أنسى كيف يِمكن آن استمتع مع طفل ! 

جود ذات السنوات الست ...ونور ذات السنوات الأربع ...وحور ذات السنتان أعاداني لسحر الطفولة في أربعة أيام . 

قدموا لي رفاه التي أعرفها من جديد ...ذكروني بأني شخصية تُحب أروقة السياسة ...وتستمتع بتحليلات السياسيين ..وتحب الفكر وتعشق توصيف القضايا الإجتماعية ...ذكروني بأن القيادة والنقاشات الجادة والمبادرات الشبابية كُلها عوالمي التي أُحب !...

لكن الأهم من ذلك كله بأن سؤال واحد من طفل ترتسم على عيناه ملامح الدهشة مع الحيرة...هذا السؤال كفيل بآن يغريني ويمنحني من التحدي والمتعة ما يجعلاني أكرس وقتي وجهدي للإجابة عليه :)

قبل أن أبدأ في بعض من تفاصيل هذه الأربعة ايام دعوني اقول الخلاصة !

بالنسبة لي جدية هذه الحياة الخانقة تحتاج لطفل يذكرني بأن هناك في هذا العالم من يستحق أن تناضل من أجل أن يكون مستقبله أفضل من حاضرك !


دمتم بخير